الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
البعض قد يتساءل مالحكمة في قتل الوزغة
فإنه قد ثبت في صحيح البخاري من حديث أم شريك رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الوزغ وقال: (كَانَ يَنْفُخُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام).1
قال أهل اللغة : الوزغ سام أبرص جنس، فسام أبرص هو كباره، واتفقوا على أن الوزغ من الحشرات المؤذيات، وجمعه أوزاغ ووزغان، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله، وحث عليه، ورغب فيه لكونه من المؤذيات.2
والوزغ يعيش غالباً في سقوف وجدران الأماكن والبيوت المهجورة أو القديمة من الداخل وهو أبيض اللون غالباً، وهو من السحليات الزاحفة الصغيرة، وله أسماء عدة بالعامية فمن ذلك: اللزغ.
الوزغ وإبراهيم عليه السلام:
السبب الصريح الذي ذكر في الحديث السابق هو أن الوزغ كان ينفخ على إبراهيم حين ألقي في النار، وهذا هو السبب المصرح به في كثير من الروايات، ففي سنن النسائي عن سعيد بن المسيب أن امرأة دخلت على عائشة وبيدها عكاز فقالت: ما هذا؟ فقالت: لهذه الوزغ؛ لأن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أنه لم يكن شيء إلا يطفئ على إبراهيم عليه السلام إلا هذه الدابة فأمرنا بقتلها...3
وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم الوزغ فويسقاً كما ثبت في صحيح مسلم وغيره عن عامر بن سعد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الوزغ وسماه فويسقاً. قال النووي: "وأما تسميته فويسقاً فنظيره الفواسق الخمس التي تقتل في الحل والحرم، وأصل الفسق الخروج، وهذه المذكورات خرجت عن خلق معظم الحشرات ونحوها بزيادة الضرر والأذى".
فضل قتل الوزغ:
ثبت في الأحاديث الصحاح أن لقاتل الوزغ أجراً، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَتَلَ وَزَغَةً فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً، وَمَنْ قَتَلَهَا فِي الضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً، لِدُونِ الْأُولَى، وَإِنْ قَتَلَهَا فِي الضَّرْبَةِ الثَّالِثَةِ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً، لِدُونِ الثَّانِيَةِ).4
وقد جاء تحديد الأجر في بعض روايات الإمام مسلم: (مَنْ قَتَلَ وَزَغًا فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ كُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَفِي الثَّانِيَةِ دُونَ ذَلِكَ وَفِي الثَّالِثَةِ دُونَ ذَلِكَ).
والخلاصة أن الوزغ تقتل لسببين: الأول لأنها كانت تنفخ النار على إبراهيم عليه السلام، كما في الحديث، والثاني: أنها مؤذية، ولهذا سماها النبي صلى الله عليه وسلم فويسقاً، لأنها تؤذي.
والشرع المطهر قد جاء بما فيه مصلحة الناس ورفع الضرر عنهم، ولهذا أجاز قتل كثير من الحيوانات المؤذية كالعقرب والحية والكلب العقور والحدأة والغراب لكون الجميع مما يؤذي الناس.
فهذه بعض الأمور الشرعية التي دل عليها ديننا الحنيف.
والله أعلم